القراءة , الثروة التي لا تكلف شيئا لجمعها

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

الأصدقاء و الموت !

كـلمـا داعب الأصدقــاء جـراحي ,
تمـاثلـتُ للموتِ ..
(قـاسم حداد)



***


الصداقة هي السلوك الذي تشترك فيه كل الحيوانات والنباتات , بما فيها الحيوان الناطق / المفكر : الإنسان .
نادرا أن نجد شجرة غرزت نفسها في معزل عن أشجار أخرى ,
أو حيوان لا يسير في قطيع , أو لا يأوي في نهاية اليوم إلى وكر / عش / حفرة / جحر مع آخرين ,
نحن كذلك ,
حاجتنا للأصدقاء أكثر من أي شيء آخر ,


***


لأنني كنت أعتقد أن كل ما أقرأه أو أسمعه صحيحا , خُدعت بقول الشاعر :
عدوك من صديقك مستفاد *** فلا تستكثر من الأصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه *** يكون من الطعام أو الشراب
ولم أستكثر من الأصحاب , ولم أعلم أنني جنيتُ على نفسي ..

***


إنني رأيت تجاعيد العجائز كيف تضيء مثل النور حين يزورهن صديقاتهن , اللائي تقاسمن معهن السنين الطويلة , تشاطرن ماء السحاب و لهيب الرمضاء , في زمن كانت سنونه كلها عجاف ,
أعجب كيف تتحول تلك التجاعيد البائسة (جميلةٌ رغم ذلك ) التي أرهقها التشاؤوم و الغربة , إلى قناديل ورد , وصفائح نور , بمجرد زيارة جارة ودودة , أو صديقة وفية ..




***

و رأيت أن الشيخ يبدأ في الموت حين يموت أحد أصدقائه, ثم يموت تماما حين يموت آخر صديق له ..
كيف لا و الغربة : موتٌ ,
والوحدة : لهيبٌ ..
و الحنين : ذكرياتٌ تفجر ينابيع دموعٍ لا تنضب ..
إن الشيوخ الأصدقاء يرون أن أسعد صديق فيهم ... هو الذي يموت أولهم ... إذ أن البقية يبدأون في الموت ... ولا يموتون سريعا ...
و آخرهم موتا ... هو الأتعس حظا ... إذ أنه جرّب الموت غير مرّة ..



***


أما ( أنا ) ..


فأشتاق لأصدقاء الطفولة .. والصبا و الشباب ..
أشتاق لهم جميعا .. الثرثارين ... والمراوغين ... و المغرورين ... و حتى الذين يكذبون ..
لا أشترط على الأصدقاء ... صدقا أو وفاء .. ولا حتى إخلاص .. أو شهامة ..
المهم أن يكون صديق .. ترتاح له النفس .. و تنفك عن عزلتها ووحدتها ..
و الأفراح .. ليست أفراح ...حتى يهنئني بها أصدقائي ..

حضور الأصدقاء في المآتم و الأتراح ... أكبر ترضية وعزاء وسلوى .. بهم ننسى آلامنا ... ونخفف من الأعباء الثقيلة على ظهورنا ... وتبدأ البسمة تغزو شفاهنا رويدا رويدا ...
ونبدو كالطفل ... المخدوع ..
أمه تحيل بكاؤه و صراخه ..
إلى ضحكة بريئة لا ينزعج منها أحد ...
بحلوى ..




***




أحوج ما نكون للأصدقاء حين تطول بنا الحياة أكثر من اللازم , أو نكون على وشك الرحيل الأبدي , لابد أن تجد قبلة الوداع من يستلمها منا ..






***




غرباء هم كل المسافرين ,

وأكثرهم غربة و ألما , الذين لم يكن أحد من أصدقائهم في توديعهم في صالات المغادرة ..







***



القهوة والشاي و الخبز : رغم أنها من مقومات الحياة و المزاج المستوي , إلا أنها حِيلٌ ضرورية كي نبقي أصدقائنا في معيتنا ولو أجزاء بسيطة من الساعة .





***





سلم يا خليجُ ..

على أصدقائي ..

الذين أكون غريبا ..

حتى ألتقيهم .












***






" يا بني لا تستكثر أن يكون لك ألف صديق ..

و لا تستقل أن يكون لك عدوٌ واحد .. "





(سليمان بن داود عليه السلام )









***








وأكثر من الإخوان ما اسطعت إنهم ... عماد إذا استنجدتهم وظهور

وليس كثيرا ألف خل وصاحب ......... وإن عدوا واحدا لكثير

(علي بن ابي طالب )









***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)

يسعدني تعليقك