القراءة , الثروة التي لا تكلف شيئا لجمعها

الأربعاء، 11 مارس 2009

الحمار لا يكذب و أشياء أخرى




الحمار لا يكذب :

سئل حمار : لماذا لا تجتر كسائر الحيوانات ؟
فقال : أكره الكذب .
و الحقيقة أن الحمار بالاضافة لمزاياه التي يجحدها كثيرون ,
أعمل عقله على قلته و ضحالته وبدائيته , وهو بالتالي أفضل من كثيرين .
كثيرون لا يعرفون من سائر الأحاسيس الجميلة إلا العشق ,
عشق الأشباح , أو حتى الأرواح المسافرة , المودعة , التي شاء الله
أن تكون من أقدار الآخرين , غير أن صاحبنا هذا , معترض على مشيئة الله و قدره ,
اختزل كل البشر في شخص واحد ,
فلا تراه الا باكيا ,
و إن كنت لا تعرفه ,
تخشى لقائه ,
مخافة أن يبكي بين يديك,
لا يعرف من الفصول الا الخريف ,
و لا من الأشجار الا اليابسات ,
ولا من الشجيرات الا الحنظل ,
ولا من الطيور الا البوم و الغربان ,
ولا من اليوم الا الغروب ,
ولا من المواد الا النار ,
ولا من الألوان الا الأسود ,
ولا من العلاقات الا الوداع و الرحيل ,
كلما أوشك أن يبدأ حياة جديدة مع رفيق جديد ,
تذكر معشوقه , فخرب مالطا بعد عمارها ,
لا ينطق الا ليشتكي ,

و مادخلنا بهؤلاء ؟؟

المشكلة يا عزيزي أن لهؤلاء أقلام
لها بريق البرق
و حد السيف
و صلابة الفولاذ ,
يأبى إلا أن يشركك معه في مرثياته وترهاته وهراءه ,
تراه في الجريدة ,
أو في المنتدى ,
ولا تستغرب إن تسلل إلى غرفة نومك , لتستفيق على قصيدة حداء , أو خاطرة مليئة بالبكاء , أو قصة خيانة و غدر بعد وفاء ,
هل هؤلاء صادقون ؟
كذبوا إن هم الا مراهقون ولو كانوا كهولا !!


إني صائم :

إني صائم فلا تكلمون !
حتى السلام لا تسلم ,
و اذا لك معاملة عندي تعال بعد العيد ,
إني نائم ,
فلا توقظون ,
إني صائم فاتركون ,
ياخي لا تقف في طابور أمامي ,
لا أراك حتى أمامي ,
كلها كيس خبز و جبن وبصل و مكرونة وحليب وشعيرية وعصير و زبادي و فواكه و خضروات و صابون وأدوات و جرائد و أشياء أخرى قليلة ,
أحاسب قبلك و امشي,
معليش يا أخي ,
الطابور على ماكينة الصرف الآلي طويل ,
وأنا مستعجل
تدري أني صائم والا اعلمك ,
شكلك تدري ,
ما تدري ؟
شوفني ,
معصب ,
ويوم جيتكم ما سلمت عليكم ,
و لابس نظارة سوداء ,
و كل دقيقة ينتابني التثاؤب حتى يوشك القط أن يسكن تجويفي الفموي ,
و بس أستعلم عن الرصيد ,
- خلاص تفضل !
الله يجزاك خير , يمكن اسحب نقد ,
-
-
-
-
-
-
-
و يمكن اسوي حوالة ,
-
-
-
-
-
-
-
-
-
وأسدد فواتير
-
-
-
-
-
-
-
-
و أكتتب
-
-
-
-
-
-
معليش تحملوني أنا صائم ,
-
-
-
-
-
-
-
هذا حال كثيرين , و كأنما الصيام أباح له أن يتعدى أو يفرط و يضيع , و أن يتكاسل و يخمل !
فيصبح مجرد ثغرة في كيان الأمة التي ينتمي اليها .



الأمة و البطل :

الأمم لا تنهض الا بوجود أبطال حقيقيين , يحدثون التغيير , ويقضون على المشاكل ,
و البطل الحقيقي هو من تجرد من كينونته الشخصية فتلبس ذوات كل الأشخاص الذين ينتسبون لأمته , فقادهم نحو ما يريدون ,
لا يغرنك كثرة أبطال اليوم , المصنوعين من مادة إعلامية رخيصة ,
ولو كان فينا بطلا واحدا فقط , يتجرد من كينونته و يتدثر بعباءة مدبجة بهموم و شجون الأمة ,
لما بقينا يوما واحدا ,
نترنح في الأزقة الخلفية ,
في أحياء البشر من النوع الثالث ,
في مدينة العالم المتمدن و المتخلف على السواء ,
و لا يغرنك البشوت الثمينة ,
و لا الوجوه التي تراها كل يوم في الصحيفة ,
فالأمة حاليا مقفرة الأبطال .

ولو سألت الشباب المساكين عن بطل واحد :
لأتتك الاجابات وضيعة بدناءة هممهم , لا تتجاوز أبعد من فتحات أنوفهم ولا ترتفع عن سطح الأرض مقدار معشار السنتيمتر الواحد ,
ولما خلت اجاباتهم من :
ناصر الفراعنة
القصبي
محمد نور
ياسر الكاسر

ولا عجب
فلقد أدمنا الروائح النتنة التي تنبعث من الأزقة و الأحياء المتخلفة .


وكل عام و أنتم بخير ,
فائزين بمرضاة الله وغفرانه ,
ظافرين بجنة الله ,
ناجين من عذابه ,
عتقاء من ناره ,

هناك تعليق واحد:

  1. حمدان آل جابر16 مايو 2009 في 1:02 ص

    ياخطير
    عجبني الموضوع واجد وننتظر المزيد

    ردحذف

(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)

يسعدني تعليقك